اللسانية العربي بين األصالة والتعريب للدكتور محمد منذر عياشي ما تزاؿ اللسانية كعلم غريبة على فهم بعض الناس وال نزاؿ نسمع ىنا وىناؾ من يفسر أىدافها

Transkript

1 اللسانية العربي بين األصالة والتعريب للدكتور محمد منذر عياشي ما تزاؿ اللسانية كعلم غريبة على فهم بعض الناس وال نزاؿ نسمع ىنا وىناؾ من يفسر أىدافها تفس تا ؼلالف العلم وقوانينو. وضلن نعتقد أف ذلذا ما يعللو من األسباب. وؽلكننا أف طلتار منها سبب ت رئيسي ت: 1- سبب خارجي: أ- االستعمار. ب- ادلوقف ادلعادي الذي ذبلى عندكث ير من رجاالت العلم يف الغرب ومن واالىم من العرب إزاء احلضارة اإلسالمية واللغة العربية. 2- سبب داخلي: أ- االضلطاط العلميكنتيجة لالنحطاط السياسي. ب- مقاومة غريزية لكلكشف علمي جاء من الغرب ادلستعمر نظرة الغرب إىل اللغة العربية: - لقد اخ تنا ذلذه الفقرة اثن ت من ادلفكرين الغربي ت ؽلثالف- يف رأينا- السبب األوؿ وػلمالفكػل األفكار اليت ػلملها الغرب ذباه: - احلضارة اإلسالمية واإلنساف العريب. - احلضارة العربية وآداهبا. أما عن النقطة األوىل فقد بباريس. إنو يقوؿ:. 1 اخ تنا "ادلفكر" ادلستشرؽ )شارؿ بال( وىو أستاذ يف جامعة السوربوف "ىذا العريب البدائي الظريف يف بعض النواحي من شخصيتو الفخور الكرمي وصل بو األمر أف ػلتفظ بعنجهية عشائرية وشخصية يف منتهى العنف وىو يعترب أف ليس ىناؾ شيء آخر بالنسبة إليو غ ت القبيلة واألنا. وفوؽ ذلك فقد ظهركتاب من أصل إذلي ػلث العريب على التعجرؼ ويدفعو إىل االحتقار أي إىل ذباىلكل غريب أجنيب. ومنذ ذلك الوقت أصبح مستندا إىل القرآف يف حياتو اليومية. أما عن األدب فإف العريب ػلتفظ بتقاليد شعرية قدؽلة وىذا كل ما يكو ف القاعدة اجلوىرية لنشاطو األديب.CHARLES PELLAT: LANGUE ET LITTERTURE ARABE. P227 1

2 أما عن اؿف قطة الثاف ية فقد اخ تنا " أندريو مارتينو " وىو واحد من أكرب علماء اللسانية يف فرنسا وصاحب شهرة واسعة يف العامل ومع ذلك سنراه يف الفقرة اليت سنأخذىا من أحدكتبو يقف من اللغة ا عؿربية موقفا غ ت علمي. إنو يقوؿ: "ردبا تكوف اللغة قبل كل شيء لغة تقليدية أدبية أو مقدسة مث تكوف سيئة التأقلم حبيث ال تليب رلموع احلاجات ادلنوعة لألمة كما ىو احلاؿ بالنسبة للغة العربية " الكالسيكية " يف البلداف اإلسالمية". 2 ىل ادلقصود من ذلك ىو الطعن يف القرآف يعلم كل عامل موضوعي ونزيو أف ىذ ا الكتاب منذ أنزلو اهلل وحىت يومنا ىذا ؽلثل الضم ت اللغوي لألمة العربية. كما يعلمكل عامل أف القرآف ما دا حيا ب ت أظهر معتنقيو ويعيش يف مشاعرىم فإف اللغة العربية ستبقى حية. إذا كاف الطعن يف القرآف إل البحث العلم ي اللساين ب عاد الناس عن لغة القرآف ىو قصدىم فإف ىذا ؿ يس من أىداؼ وال من أغراضو وقدكاف األجدى هبمكعلماء يف اللغة وآداهبا أف يتجهوا إىل دراسة العالقة ب ت القرآف من جهة واؿ عربية من جهة أخرى. هبا. أ- 2- إف مناقشة ىذين الرأي ت توقعنا يف حرج شديد. ولذا فإننا نرى أف ال نناقش األوؿ ألف صاحبو ال ؽلثل يف عامل العلم أية قيمةكما يدؿ عليو قولو. وأما الثاين فنرى يف مناقشتو بعض الفائدة ال ألنو موضوعي وعلمي ولكن ألف لصاحبو يف عامل العلم مؤلفات- يف اللسانية- ذات قيمة علمية مع تؼ قبل أف نبدأ نود أف نسوؽ مخس مالحظات إىل كل مفكر غريب ذلا أعليتها اإلنسانية: ا- إف على ادلفكرين يف الغرب أف يدركو ا أف العامل الغريب ال ؽللك احلق من وجهة نظر علمية أف يعترب نفسو ادلركز الوحيد حلركة الفكر يف العامل. 2- إف على ىؤالء أف يعلموا أف النظريات اليت تنطبق على عادلهم قد ال تنطبق على غ تىم بشكل آيل وخاصة يف ميداف العلو اإلنسانية. عما أنتجوه. 3- إف عليهم أف يع تفوا بأف النتاج العلمي الفكري واإلنساين عند غ تىم من األمم ال يقل أعلية 4- إف عليهم أف يعلموا أف عهد السيطرة الثقافية قد انقض ى وأف الشعوب قادرة على يتناسب ومستواىا احلضاري من علم وفكر. -5 إبداع ما أخ تا نريد أف نقوؿ ذلم بأف احلضارات ي أخذ بعضها من بعض. عندما نلفظكلمة "لساين " فإنو ينزؿ يف تفك تنا مباشرة أف الباحث يف ىذه األمور ؽلتاز دبوضوعية مطلقة يستمدىا من طبيعة البحث.ANDRE MARTINET : ELEMENT DE LINGUISTIQE GENEVAE. P155 2

3 ومنوجيتو. والعلم ال ينفصل عن احلقيقة. ولذا فإف االغتصاب الذى ت والعنصرية الثقافية وتشويو احلقائق... كل ىذا ال يدخل يف ميداف البحث العلمي ومع ذلك فإف ىذا مل ؽلنع " أندريو مارتنيو " أف ؼلوض مع اخلائض ت فينسب إىل العربية ما ؿيس منها وال فيها. وقد نعجب من ىذا ادلفكر إذا نظرنا إليو وىو يتكلم عن لغتو القومية وكيف ؽلتدحها يف نفس الكتاب ادلذكور آنفا. إنو يقوؿ: "إف اللغة الفرنسية كأداة يستعملها عدد من الكائنات احلية بنجاح ؿ التصاؿ فيما بينهم " ص.)147( لننظر إىلكلمة "صلاح " ىنا وىلإ "سيئة التأقلم " ىناؾ عندما تكلم عن اللغة اؿ عربية وردبا زاؿ عجبنا إذا علمنا أف "أندريو مارتينو"مل يتكلم ومل يتعلم ومل يتصل بالعربية ال من قريب وال من بعيد. ب- 2- لكي ضلدد موقفنا ونب ت احلقائق ونكشف ادلغالطات البد لنا من تصنيف األفكار اليت تدور حوؿ اللغة. وإننا نرى أهنا تنقسم عموما إىل ثالثة أقسا: - األفكار اليت تعترب لغة من اللغات احليةكلغة سيئة التأقلم. - األفكار اليت تسعى أف تقيم عالقة ب ت إحدى اللغات وإيديولوجية سياسية معينة. - األفكار اليت تنطوي على أحكا غ ت صحيحةكأف تعترب أف لغة الشعب الفالين أغ ت وأرفع وأفضل من لغات الشعوب األخرى. دوف أي دليل علمي. ودبا أننا نريد أف نعاجل األمر من الناحية اللسانية فمن األفضل أف نبقى ضمن مناىجها وطرقها العلمية وأف نب ت اىتماماهتا. ونعتقد أف ىذه ىي الوسيلة ادلثلى لرد أقواؿ أولئك الذين مل ينظ روا إىل اللغة إال من خالؿ أفكار إف صلحت يف ف تة من الف تات لطمس احلقائق العلمية فهي ال تصلح أف تكوف علما يدرس ويستفاد منو يف تعميق وتثبيت األطر ادلنهجية اليت تتبناىا اللسانية يف أحباثها: 1- إف الدراسات اللسانية هتدؼ إىل بناء أسس نظرية تنطبق على مجيع اللغات. وتنقسم ىذه األسس قسم ت: - أما القسم األوؿ فإف ا الذباه فيو يقو على القواعد ادلكررة ضمن الكال اإلنسا تزويد ادلنهج التحليلي باألدوات الالزمة الستخراج ين وذلك لدراسة الفوارؽ اليت سبيزىا عن غ تىا من القواعد اليت تب ت عليها وسائل التعب ت واالتصاؿ األخرى عند اإلنساف كادلوسيقى و إشارات ادلرور أو ادلوجودة عند احليواف كرقصات النحل مثال. - أما القسم اؿ ثاين ؼ االذباه فيو يهدؼ إىل شرح نص من النصوص مع اف تاض عدة طرؽ تأويلية لو. إذا كانت كل اللغات اإلنسانية تنطبق على ىذه األسس ال لشيء إال ألهنا وسائل اتصاؿ مرتبطة بنشاط البشر يف حياهتم اليومية والفكرية فال غلوز أف ينظر إىل العربية أو إىل غ تىا إال هبذا ادلنظار. 2- عندما تعمد اللسانية إىل دراسة لغة من اللغات فإهنا تدرسها لذاهتا وتغض الطرؼ عن

4 االعتبارات الفلسفية والسياسية وادلذىبية والطائفية ذلك ألهنا علم والعلم منهج وباإلضافة إىل أنو رلرد من ىذه النزعات فهو موضوعي. غلب أف ال تكوف الدراسات اللغوية موطن صراعات إيديولوجية. فاللغة- كحد أدنػى من الت عريف- أداة. ومن شأف األدوات أف ال تفكر ولكن تستخد وتستعمل. إف اللغة نظا ونظامها القواعد. وإف شئنا فإننا نستطيع القوؿ أ ف نظا القواعد فيها ىو نظا االستعماؿ واالستخدا ودبا أهنا كذلك أي أهنا أداة توصيل فإف الفكرة الواحدة ونقيضها تأخذ فيها طريق الظهور. ودبع ت آخر إف األفكار ال تنقل اللغات وال تعكسها ولكن اللغات ىي اليت تنقل األفكار وتعكسها. ب- 3 - إف ما ذكرناه آنفا ػلتم علينا أف ننظر إىل اللغةكأداة وأف صلرد نظرتنا عن النزعات غ ت العلمية. وشلا ال يدخل يف رلاؿ الدرس العلمي قولنا مثال بأف لغة البلد الفالين لغة ثورية وأف لغة البلد اآلخر لغة رجعية أو قولنا بأف اللغة الفالنية لغة مؤمنة على ح ت أف باقػي اللغات تعترب كافرة أو قولنا- والقوؿ ىنا ألندريو مرتينو- بأف ىناؾ لغات "مقدسة " وأخرى "سيئة التأقلم " وضلن نع ت ضمنيا بأف ىناؾ لغات غ ت مقدسة وأخرى جيدة التأقلم. إفكل ىذه األقواؿ وقوؿ )مارتينو( من ضمنها ال تدخل يف إطار الدراسات اللسانية سباما ككل من غلعل اللغة مولودا إليديولوجية معينة. ولو أف "مارتينو" درس عالقة احلضارة اإلسالمية باللغة وأثرىا يف تطوير اؿعربية لقبل منو ومحد مسعاه ولكنو مل يفعل. وىنا نود أف نقف علىكلمة ادلقصود منها يف ذىنية وفكر الغربي ت ح ت يطلقوهنا على لغة من اللغات: "مقدسة" لشرح 1- عندما عكف الغربيوف على دراسة اللغات الشرقية عث روا يف بعض جهات اذلند عل ى لغات خاصة بالصلوات والشعائر الدينية وتستعمل فقط من قبل رجاؿ الدين ذلذه الغاية. ولقد وقفوا عند ىذا احلد من ادلالحظة ومل يعن وا أنفسهم جهد البحث عن أصوذلا- يف احلقيقة إف عامل الشر ؽ وحضاراتو ال يزاؿ مغلقا على أفهامهم- واكتفوا بتسمية ىذه اللغات بلغات " مقدسة " أي لغات خاصة بالعبادة. وكعادة بعض منهم شلن ال يروف إال القشور دوف اللباب جاء "مارتينو" حبكمو السريع وصنف اللغة العربية يف عداد ىذه اللغات. وإننا نعتقد أف الذي أوحى لو ولغ ته هبذه الفكرة ىو نزوؿ القرآف اجمليد باللغة اؿعربية وأف الصالة عند ادلسلم ت ال تصح إال بنطق اآليات باللغة العربية. ولقد نس ي "مارتينو " أو تناسى أف ا عؿربية سابقة على نزوؿ القرآف وأ ف العرب يستخدموهناكأداة التصاؿ بينهم يف حياهتم اليومية واألدبية والعلمية ويف مساجالهتم الفكرية وأف ادلكتبات تعج دبالي ت الكتب العربية وأف ادلطابع ال تزاؿ تطبع يوميا أعدادا كب تة منها يف كل رلاالت العلم. 2- إفكلمة "مقدسة" تعود ببعض الغربي ت إىل ادلفهو ادلسيحي للغة. وىم يرفضونو لسبب ت: أوال :

5 ألنو ال يتفق ومناىج البحث العلمي. ثانيا : ألف تفك تىم ادلادي ػلوؿ بينهم وب ت أي تصور دي ت ألي أمر من األمور. أما فيما ؼلص السبب األوؿ فنحن ال ظللك إال أف نشاركهم الرأي ألف ادلفهو ادلسيحي للغة يقو على مغالطت ت: ادلغالطة األوىل من وجهة نظر علمية وادلغالطة الثانية من وجهة نظر إسالمية. وؽلكننا أف نعرض ىذا ادلفهو لنرى ذلك: لقد استمد علماء الغرب والدارسوف للغة يف العصور "الكالسيكية " مفاىيمهم العلمية واللغوية من اإلطار الثقايف الذيكاف ػليط باحلياة الذىنية ويهيمن علىكل النشاطات الفكرية. وقدكا يقو أساسا على اإلصليل. وكاف من نتيجة تبنيهم للتصور اإلصليلي ميالد ادلفهو اللغوي الذي يعترب كجدوؿ من الكلمات ورلموعة من ادلفردات وليس كنظا قائم على قوان ت العصر احلديث ف ىذا اإلطار ودلا ظهرت اللسا ف ية يف رفضت ىذا ادلفهو وزبلت عنو. وىنا البد لنا من طرح السؤاؿ التايل: إذاكاف ىذا ادلفهو غ ت العلمي قد وجد يف ادلسيحية فهل يع ت ىذا أف لو ما يقابلو يف اإلسال ادلفهو اإلسالمي للغة ؼلالف ادلفهو ادلسيحي ذلا. و اإلصليل يب ت ذلك: لكي ال نطيل نقوؿ إف إف اؿ رأي الذي سنقدمو من خالؿ القرآف مقارنا مع اللغة العربية كشأف لغات األرض مجيعا لغة طبيعية و إنسانية. وذلا خصائصها اليت تنفرد هباككل لغة ذلا خصائصها. اهلل: وإف القرآف ال يعارض ىذا ادلفهو يف شيء بل على العكس إنو يؤكده ويدعمو ففي مواضع متعددة منو يش ت إىل وجود لغات منوعة. وال يقف القرآف عند ىذا احلد بل يوسع الد ائرة دبا يضيف من لغة احليواف إىل اللغات اإلنسانية إنو ليخربنا بأكثر من ذلك إذ ما من شيء إال ويسبح حبمد يقوؿ تعاىل: - لغة اإلنساف. أما عن اللغات فيجب أف ال نتصور أف القر آف ػلصيها عددا. إنو يش ت إىل وجودىا واختالفها. }و م ن آي ات ه خ ل ق الس م او ات و األ ر ض و اخ ت الف أ ل س ن ت ك م و أ ل و ان ك م إ ن ف ي ذ ل ك آليات ل ل ع ال م ين { )الرو: 22 (. إف اإلشارة إىل تعدد األلسنة ذلا أعلية من وجهة نظر لسانية ألهنا تنف ي فكرة األصل الواحد للغة والوارد يف اإلصليل. ونعنػي باألصل الواحد اعتبار اإلصليل أف اهلل مل ؼللق إال لغة واحدة وأنو سبحانو جعلها كمجموعة من الكلمات اليت ىي مسميات لألشياء أو كأظلا ىي جدوؿ رصفت يف داخلو ادلفردات. ويدلك على ىذا ما ورد يف اإلصليل: "لقد مسى اهلل النور هنارا والظلمات ليال ". )5 )GENESE

6 3 ؿ" قد مسى اهلل الفضاء مساء واليابسة أرضا ومسى رلامع ادلياه حبارا " )8 )GENESE - لغة الحيوان. وأما عن لغة احليواف فإف القرآف يش ت إليها يف آياتكث تة ونكتفي ىنا باآلية: }ق ال ت ن م ل ة ي ا أ ي ه ا الن م ل اد خ ل وا م س اك ن ك م{ )النمل: من اآلية 18 (. بالطبع ال يفصح القر آف عن الطريقة اليت عربت هبا النملة ولكن الدارس ت حلياهتا يعلموف أف ذلا نظاما من اإلشارات تستخدموكأداة ؿالتصاؿ. ومن يقرأ القرآف غلد أف اهلل قد ركز على اعتبار رسالة األنبياء تذكرة ويف ىذا داللة على اعتبار اللغة أداة توصيل واتصاؿ: }و ل و ع ل ن اا ق ر آنا ا أ ع م ي ا ا ل ال وا ل و ف صل ت آي ات ه { )فصلت: من اآلية 44 (. }إ ن ا أ ن ل ن اا ق ر آنا ا ع ر ب ي ا ا ل ع ل ك م ت ع ل ون { )يوسف: 2 (. }ف ذ صكر ب ال ر آن م ن ي اف و ع يد { )سورة ؽ: من اآلية 45 (. ىذه اآليات وغ تىا ير كث تب ت ىذا ادلع ت أي تعترب اللغة أداة اتصاؿ ب ت البشر. وقد نزداد عجبا إذا علمنا أف اإلسال يذىب إىل نفي اللغة ادلقدسة كلية إذ ال يوجب على الناس اختيار لغة معينة للتوجو إىل اهلل بل ال يوجب عليهم الكال يف ذلك أصال. وإف قراءة القرآف يف الصالة بلغة عربية ال يغ ت من ىذا شيئا األمر الذي غلعلنا نستيقن أف القرآف يعترب اللغات على حد سواء وأف استعماؿ اللغة إظلا ىو من طبيعة اإلنساف. - مل يطلع "مارتينو" على القرآف لذا فهو ال يستطيع أف يب ت أحكاما صائبة. ونعتقد أنو أراد أف يندد دبفهو تقليدي للغة فسار على عادة بعض الغربي ت يف النظر إىل األمور أي أنو استوحػى شلا ي عرفو عن اإلصليل ليحكم على العربية. ولكن العجيب عند ىذا اللسا ين أنو قد محل حكما على اللغة ذاهتا ال على الفكرة أو على ادلفهو اللغوي وكل يدري أنو ب ت اللغة وب ت مجلة ادلفاىيم اليت نبنيها حوؿ اللغة فرقا وبعدا أو على األقل علا شيئاف ال شيء واحد. لو عمدنا إىل حصر األخطاء اليت وردت يف قولو فإننا نستطيع أف نربز ثالثة: لقد وضع اللغة اؿعربية ربت ما مساه بػ " اللغة ادلقدسة " حتػى يتمكن من تضييق رلاالهتا فال تكوف مستعملة إال يف الصالة والشعائر الدينية. وىذا خطأ شنيع يكذبو أو يصححو الو اقع. مستعملة يف الصالة ويف كل رلاالت احلياة. - لقد أطلق حكمو على اللغة وكاف أوىل بو أف يطلق حكمو على ادلفهو اللغوي. فاللغة اؿعربية.LA bible : Traduction en Franqis : louis segond 3

7 وىذا يع ت أف "مارتينو" مل يفرؽ ب ت ما يسمى "بالنظرية اللغوية" واللغة. - لقد أغفل "مارتينو" الواقع اللساين للغة العربية. ومن البديهي أننا إذا أنكرنا وجود لغة ما فإننا ننكر وجود الشعب الذي يتكلمها. فكيف تأتػى لو ذلك وىل للعرب وجود أو ال. ج 1- إف اللغة ربتفظ بسيطرهتاكاملة على اجملموعة االجتماعية مادامت سبلك القدرة على تسجيل ادلشاعر وأداء أغراض من يستعملها ويتكلمها. وإف قدرة اللغة تدؿ على حيويتها. وتتجلى ىذه القدرة يف احتواء اللغة- كلما دعت احلاجة- للعناصر اجلديدة اليت تنبع من حاجة األمة وتط ورىا لذلك فإف اللغة عندما تكوف حية ال تشكل نظاما مقفال ػلوؿ بينها وب ت التأقلم. وإف ما نعنيو بالتأقلم ىنا ىو رلموع اإلمكانات اللغوية اليت تسمح. إف اللغة ليست انعكاسا للفكر. ومن العبث أف نظن أف مثل ىذا القوؿ يضفي على اللغة أعلية خاصة. فاللغة تستمد أعليتها االجتماعية أوال وأخ تا من الدور الذي تضطلع بو ضمن اجملتمعكأداة للتوصيل والتفاىم والتعب ت والتخاطب إىل آخر ذلك من األغراض اليت تلبيها. نود أف نضيف عنصرا جديدا إىل مجلة ما قلناه سابقا أال وىو دور اجلماعة يف إغناء اللغة: إنو شلا ال جداؿ فيو أف اجلماعة اليت تؤلف أمة تعطي اللغة قوة الثبات وتدفع هبا ضلو التجديد يف آف واحد. وما دامت ىناؾ مجاعة فهناؾ لغة. ومن ادلعروؼ أفكل مجاعة تبحث لنفسها عن مثل لغوي أعلى ينطوي ربتوكل األفراد الراغب ت يف العيش ضمن رلتمع واحد. وإف من شأف ىذا البحث عن ادلثل اللغوي األعلى أف يقوي وحدة األمة وانطالقا من ىذه النظرة نستطيع أف ندرس أثر اللغة يف احلدث القومي كما ال نريد أف تكوف مفاىيمنا مستوحاة من ىذه النظرة. وذلك ألف مفهو القومية أو قومية اللغة ال يفيد يف دراسة اللغة باعتبارىا رلموعة من القواعد اليت تؤلف نظاما. وضلن ح ت نقف على دراسة لغة من اللغات فإنو ال يدخل يف حسابنا موضوعيا الشعب الذي يتكلمها ألف ىذه الناحية ال تدخل يف رلاؿ الدراسات اللسانية ومن األفضل إحالة مثل ىذه النواحػي إىل ميادين علمية أخرى تع ت دبثل ىذه الدراسات كالعلو السياسية واالجتماعية مثال. إف العلم يقتضي منا أف نقف إزاء اللغة موقفا رلردا دوف خلط ب ت عدة ميادين. وكما يقف الكيميائي من ادلواد اليت ػلللها وغلري ذباربو عليها دبعزؿ عن األفكار غ ت الكيميائية فإف على اللساين أف يقف ىذا ادلوقف من مادتو وأف ال يستع ت من ادليادين األخرى إال ما يسمح بو موضوع البحث نفسو. قبل أف نغادر ىذا األمر إىل أمر آخر ضلدد فيو موضوع اللسانية نرى أف نقد األسباب اليت تدفعنا إىل ازباذ ىذا ادلوقف: إف مفهو قومية اللغة- يف رأينا- مفهو خاطط سباما. فاللغةككل أداة سبتاز خبصاؿ ثالث: 1- اللغة هي ح يلة لت ربة إنسانية عاشها األفراد ضمن مجاعة وليست حصيلة لتجربة قومية

8 بادلع ت احلديث ذلذا ادلصطلح. 2- اللغةكت ربة ت تلف عن باقي الت ارب يشارؾ فيها اجملتمع الذي يتكلمها بشكل مباشر وتشارؾ فيها اإلنسانية مجعاء بشكل غ ت مباشر. 2- إذاكانت اللغاتكلها إنسانية فهي ملك لمن يتكلمها ال ملك لقو بالذات. أمل يقل الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم: "من تكلم العربية فهو عريب". 4 يدرس اللساف يف اللغة رلموع الرموز الصوتية والب ت القواعدية ويع ت بدراسة ادلعاين وىذا ىو موضوع اللسانية وإذاكنا نلح على ىذه الناحية فألف اللسانية تريد أف تكوف علما أوال وأخ تا. أما إذا تدخلت األىواء القومية والنزعات ادلذىبية فإف العلم- مهماكاف نوعو- يفقد أىم خصائصو ادلوضوعية ونعنػي التجرد والبحث الدقيق للوقوؼ على القوان ت اليت يس ت دبوجبها األحياء واألشياء. ولو نظرنا يف تاريخ الفكر اإلنساين لوجدنا أف ىذه األىواء وىذه النزعات قد ازبذت طريقها- يف بعض األحياف- ضمن البحث اللغوي حىتكادت أف تودي دبفاىيمو العلمية األصيلة. ونستطيع أف نضرب مثال بأحد أعال الفكر الغريب من ادلتعصب ت لنرى بعد ما يقولو عن التجرد والبحث الدقيق واحلقائق العلمية يقوؿ "ديورو" الفرنسػي يف حديث عن لغتو وعن باقي اللغات ما يلي: " إف احلكمة تقضي باختيار الفرنسية لغة. وغلب استعماؿ الفرنسية يف اجملتمعات الراقية وادلدارس الفلسفية. وإف لغتنا ستكوف لغة احلقيقة إذا قدر ذلا أف تعود إىل األرض على ح ت أف اليونانية والالتينية واللغات األخرى ستكوف لغات اخلرافة والكذب. لقد جعلت الفرنسية للتثقيف واإليضاح واإلقناع وأما دلخاطبة الشعب فال بأس من استعماؿ اليونانية والالتينية واإليطالية ولكن دلخاطبة احلكماء غلب استعماؿ الفرنسية" يقوؿ. 5 إف مثل ىذه األقواؿ توجد يفكل احلضارات وعندكل الشعوب ولكن ىل ؽلكن اعتبارىا براى ت علمية ولكي ننتهي من ىذه الفقرة نعود مرة أخرى إىل "مارتينو" ونقوؿ: إذاكانت اللغة الفرنسية مستعملة بنجاح فإفكل اللغات احلية ومن ضمنها العربية مستعملة بنجاح أيضا. وحوؿ ىذا األمر : CHRISTION Nigue "إف لكل اللغات وظائف منتظمة وقوان ت عامة للكال وإف كل اللغات الواقعة ربت ادلالحظة ورد شيخ اإلسال ابن تيمية ىذه الفقرة يف حديث أ سلمة بن عبد الرمحن مث علق عليو بقولو: ىذا احلديث ضعيف لكن معناه ليس ببعيد بل ىو صحيح من بعض الوجوه انظر )اقتضاء الصراط ادلستقيم( ص 169 ج 1 ط مكة Di derot : lettre sur les suords et les muetes. P EJ j, assezat, ceuvres completes DA Divrot, Vol (1) Franier Freres PARIS. 4 5

9 منتظمة ومباشرة ولكن بشكل سلتلف. لذا فإنو من غ ت الصحيح أف نقوؿ بأف ىناؾ لغات غنية وأخرى فق تة وأف ىناؾ لغات متطورة وأخرى بدائية كما أنو ال توجد لغة قريبة من االتصاؿ احليواين وأخرى بعيدة. إفكل لغة تنطبق على حضارة الشعب الذي يستعملها وعلى أظلاط حياتو وعاداتو " اللغة العربية- نظرة من الداخل: 1- موقف سليب: لقد ذكرنا سابقا يف بداية ىذا ادلقاؿ أف الدراسات اللسانية العربية ما تزاؿ غريبة على فهم بعض الناس. وقد يكوف قولنا ىذا من قبيل ادلبالغة فهناؾ من األعماؿ وادلؤلفات ما ىو جدير بالذكر ولكن رلموع ىذه ادلؤلفات ما زاؿ قليال وال يسد احلاجة. وإذا أردنا أف نبحث عن األسباب اليت أدت إىل ىذا فإننا نستطيع أف ضلصرىا يف سبب ت: - السبب األوؿ خاص بالب ح اث العرب. - السبب الثاين خاص بظروف ا حتالل. - البحاث العرب: أ- تتجلى أوىل سلبيات ة البحاث العرب يف العصر احلديث يف وقوفهم على ما أبدعو القواعديوف العرب القدماء دوف السعي إىل تطويره ومتابعتو وتعميقو. وإذاكاف القدماء قد فجروا عبقريات لغوية فألف حضارهتم اإلسالميةكانت وراء ذلك وكاف الباحث منهم يستفيد منهجيا وذىنيا من تلك احلضارة. وعندما وصل إلينا ما تركوه لنا أخذناه نريد درسو غ ت أننا مل ننجح سبا النجاح وظل ىذا العلم مغلقا على أفهامنا يف معظم نواحيو. وللحقيقة نقوؿ بأف ىذا الفشل يعود إىل أننا قد عزلنا ىذا العلم عن احلضارة اليت أنشأتو وولدتو فإذا ىو يصبح يف أيدينا جثثا ىامدة ال حياة فيها أو أوراقا تلقى على األمساع دوف أف تعيها العقوؿ وربفظ عن ظهر قلب ل تدد يف بعض احملافل أو يف امتحانات آخر السنة الدراسية. ب- وإذاكنا مل ننفذ إىل أعماؽ ال تاث- إال من رحم ريب وىم قليل- فإننا مل نتابع بفهم جيد ما جد يف ميداف البحث العلمي. وردبا يكوف األمركذلك لنفس السبب الذي ذكرناه آنفا أي ألننا ال نع ت العنصر احلضاري اىتماما يف دراستنا مع العلم أف كل تقد مهما كاف نوعو إظلا ىو حصيلة للحضارة اليت أنشأتو. وضلن إذا مل نعتمد العنصر احلضاريكأساس يفكل أحباثنا العلمية فسنبقى عالة على غ تنا ال نتاج لنا وال عطاء. - ظروف ا حتالل: Initiation methodice a la grammaire generatique. p10. ED. Armand Colin

10 من األسباب اليت أدت إىل خلق السلبيات عند البحاث العرب صلد االستعمار دبختلف أشكالو. وباعتبار أف الغرب ىو مصدر االستعمار فقد وقفوا منو موقف العداء. لقد رأى القواعديوف العرب يف العصر احلديث وغ تىم من العلماء ما أنزلو الغرب ادلستعمر ببالدىم من البالء حيث انطمست احلركة العلمية ومخد النشاط الذى ت اخلالؽ. وشاىدوا أيضا مدى ما أحلقو باللغة العربية من ضرر عند متكلميها حىتكاف من عاقبة ذلك: أ- االبتعاد عن منبع اللغة ومصدرىا احلضاري. ب- االبتعاد عن اللغة نفسها وذلك عن طريق: - إغالؽ ادلدارس ومنع التعليم باللغة العربية يفكث ت من مناطق العامل اإلسالمي. - إحالؿ لغة ادلستعمر وفرضها يف الدوائر الرمسية والتعليمكبديل للغة العربية. - العمل على توليد طبقة متأثرة بثقافة ادلستعمر تتكلم لغتو وربتقر أصوذلا الثقافية واللغوية. ت- انقطاع الصلة يف بعض البلداف ب ت اللغة ادلتكلمة واللغة العربية الفصحى شلا أدى إىل فقر األوىل واختفاء الثانية بعد أفكانت مصدرا يغنيها ويثريها باستمرار. ث- احتجاب اللغة األ فصحى ومتكلمة يف بلداف ادلغرب عند معظم ادلثقف ت. ولقد قامت حركة التبش ت واالستشراؽ بدور ىا يف دعم خطة ادلستعمر: أما البعثات التبش تية فقد ذبلى دورىا يف اإلحلاح على قطع صلة الشعوب ادلستعمرة دباضيها احلضاري اإلسالمي. وأما حركة االستشراؽ فقد سعت حثيثا لتحريف وتشويو تاريخ الفكر اإلسالمي والتشكيك فيو كما أهنا ركزت جهودا جبارة للتقليل من أعلية اللغة العربية ودورىا احلضاري حىت بدت ىذه يف عيوف بعض )ادلثقف ت( العربكلغة ميتة ال عالقة ذلا بالعصر احلاضر وال تفي حباجات التطور العلمي. 2- موقف إي ابي. - ات اا نحو التراث: أ- ل د ات ه بعض البحاث العرب في الع ر الحديث إلى ن ل التراث. وكانت هذا خطوة إي ابية بحد ذاتها ألنها أي ظت حماسةكثير من العلماء. وين سم هذا ا ت اا- حسب اعت ادنا- أربعة أقسام رئيسية: 1- ات اا عني بن ل التراث ونشرا. 2- ات اا عني بشرح المن ول وتفسيرا والتعليق عليه. 2- ات اا عني بتأليف الكتب على غراركتب األقدمين. 4- ات اا اعتمد التراث فألف كتبا ا مبسطة حتى يسهل على أبناء ال يل ال ديد تناول

11 المادة المطروحة واستيعابها. ب- إذاكاف ىذا االذباه قد صلح نسبيا فإنو قد أخفق نسبيا أيضا. وإذاكاف من أىداؼ ىذا االذباه نقل ال تاث فإف ىذا ال يع ت أف اإلفادة من ال تاث ستتم بطريقة آلية. والتفس ت ادلمكن ذلذا ىو أف الذىنية اليت أنتجت ال تاث ىي غ ت الذىنية اليت تلقتو. وإننا ال ظللك باإلضافة إىل ذلك ال االستعدادات العقلية لذلك وال االستعدادات النفسية ومناىج ال تبية وأساليب البحث العلمي عندنا ربوؿ بيننا- يف معظم األحياف وعند معظم ادلثقف ت- وب ت بلوغ النضج العقلي الذي يسمح باإلفادة الكلية. وإذاكنا ضلكم بأف إفادتنا جزئية فمن األفضل أف نعدد األسباب بشكل أوضح: ا- إف ادلكونات احلضارية اليت و ل دت ىذا الفكر زبتلف عن ادلكونات احلضارية للمجتمع الذي نعيش فيو واليت من خالذلا ننظر إىل ال تاث. 2- إذاكاف ىذا ال تاث ىو نتاجا حضاريا جملتمع متحضر فإف اجملتمع الذي نؤلفو ال ؽلت إىل احلضارة بصلة ىذا إذا اعتربنا احلضارة فكرا وروحا. إف رلتمعنا يف أحسن أحوالو رلتمع "متقد ماديا وتقنيا ". ولو عدنا إىل العالمة ابن خلدوف لرأيناه يربط تطور الذىنية العلمية باحلضارة ربطا ال انفصا فيو إنو يقوؿ: العلم" "وأما العلو العقلية أيضا فلم تظهر يف ادللة إال بعد أف سبيز محلة العلم ومؤلفوه" وىو يعزو ذلككما قلنا إىل احلضارة: "فلم يزؿكل ذلك يف األمصار ما دامت احلضارة فلما ضربت تلك األمصار وذىبت منها احلضارة اليت ىي سر اهلل يف حصوؿ العلم والصنائع ذىب 3- إف ىذا ال تاث يقو على الدؽلومة ألنو يتمثل يف اجملتمع ادلتحضر الذي أبدى لساف احلقيقة. وىذا يع ت أف جوىر التصور الذى ت والفكري للذين أوجدوهكاف مبنيا على اليق ت. أما اجملتمع الذي نعيش فيو فيقو على عكس ذلك سباما : ال دؽلومة سبثل احلقيقة وال ثبات يرافق النمو الفكري واإلبداع العقلي ولقد حل الشك زلل اليق ت. إف رلتمعناكتصور ذى ت قد ب ت على الفرضية ونقيضها يف نفس الوقت. 4- كاف اجملتمع العلمي الذي ول د ىذا ال تاث يفكل ميادين أحباثو يعمد إىل تفكيك العناصر مث تركيبها وفق قوان ت مستقاة من سنن صدرت عنها ىذه العناصر. واالذباه العلمي ادلعاصر يعمد فقط إىل تفكيك العناصر إىل وحدات مث يعمد إىل ىذه الوحدات فيفككها إىل وحدات أخرى أصغر مث أصغر 7 ادلقدمة ص/ 544 /. 8 ادلقدمة ص/ 545 /.

12 حىت تفقدكل صلة ذلا بأصوذلا األوىل أو بالقوان ت اليت بنيت عليها والنظم اليت مجعت بينها. ولقد عرب ابن خلدوف عن الرؤية العلمية اليت كانت عند أصحاب ىذا ال تاث فقاؿ: "وأما العلوم التي هي آلة لغيرها )...( فال ينبغي أن ينظر فيها إ من حيث هي آلة لذلك الغير ف ط و يوسع فيها الكالم و تفرع المسائل ألن ذلك م رج لها من الم ود إذ الم ود منها ما هي آلة له غير. فكلما خر ت عن ذلك خر ت عن الم ود" نست لص من كل ما سلف أن اإلفادة من التراث تستدع. 9 ي منا تأمين شروط معينة بدونها نستطيع استيعابكل األبعاد الحضارية لهذا الفكر. وقد تثير هذا النظرة حفيظة "المغتربين" أي الذين طوتهم معايير الم اييس الغربية ولكن بأس علينا منهم. أخ تا نستطيع القوؿ أف الذين نقلوا ال تاث غراره مل يكونوا على مستوى الشروط احلضارية أي مل يكونوا عقليا -بصورة عامة- والذين علقوا عليو أو ألفوا وكتبوا على وذىنيا مشب ع ت هبا- ىناؾ استثناءات قليلة- ولذا فإهنم مل يستطيعوا أف يث توا بال تاث ماكاف يث ته يف بيئتو الطبيعية. وىذا ما قصدنا عندما عزونا إليهم اإلخفاؽ النسيب. - ات اا نحو الغرب: إىل جانب االذباه األوؿ صلد اذباىا ثانيا يكاد يكوف مع زوال عنو. فهو ال يؤمن بال تاث وال يع ته أي اىتما إنو اذباه ضلو الغرب. ومن العجيب الغريب يف ىذا االذباه ىو ما يضفيو عليو أصحابو من صفة العلمية دوف أف يكلفوا أنفسهم أي جهد علمي للتحقق من ذلك أو النظر إىل ال تاث قبل رفضو. االذباه: إذا أنعمنا النظر يف ىذا االذباه فإننا سنقف فيو على حركت ت تس تاف معا بآف واحد ويف نفس أ- أما احلركة األوىل فتع ت ب تمجة ونقل ادلؤلفات الغربية إىل العربية. ب- وأما احلركة الثانية فتستلهم من ادلؤلفات الغربية ورباوؿ أف تزرع ادلفاىيم ادلستوردة يف حقل الذىنية العربية. إف النقد الذي وجهناه لالذباه األوؿ يصلح يف بعض نواحيو أف يكوف موجها لالذباه الثاين. وإذا كاف االذباه األوؿ قد أخفق نسبياكما بينا فإف االذباه الثاين مل ػلقق يف مقابل ذلك صلاحا يذكر. ومع ذلك نريد أف نب ت ما حققو من خالؿ نقطت ت: أ- لقد مكن ىذا االذباه الباحث العريب من اإلطالع على ما غلري يف الغرب وكشف لو عن التقد العلمي اذلائل الذي مت إحرازه. وىذا األمر إغلايب يف ظاىره سليب يف حقيقتو وجوىرهكما سنرى. 9 ادلقدمة ص/ 537 /.

13 2- لقد أدى تضاعف ىذا النشاط إىل "تغريب" يف احلياة العقلية لبعض البحاث العرب وبعض ادلثقف ت فنتج عن ذلك انفصاؿ ب ت ذىنية ىؤالء واجملتمع الذي يعيشوف فيو. 3- أدى ىذا االذباه إىل ميالد شيئ ت خط تين: - "ادلسخ" أي التحوؿ إىل شيء ال شكل لو وال ىوية. - "التبعية" وتربز ىذه الظاىرة عند من رأى يف ثقافة الغرب شخصية جديدة لو فتقمصها وأخذ يعمل على أساسها. نستخلص من ىذا كلو أف كال من االذباى ت على ما فيو من إغلابية مل يؤد الغرض ادلطلوب منو كما نالحظ أف كال من االذباى ت أيضا مل يؤد إىل كشف علمي يذكر ال من وجهة نظر حضارية وال من وجهة نظر تقنية. لقد كاف لقدماء العرب من ادلسلم ت ميزاف دقيق يزنوف بو لك أعماذلم وأحباثهم العلمية كما كانوا يف كل دراساهتم يقفوف على وجه ت من وجوه البحث: أ- الوجو الداخلي أو الروحي. 2- الوجو اخلارجي أو ادلادي. لو أف الدراسات العربية احلديثة اعتمدت ىذا ادلفهو وسعت لكشف القوان ت الداخلية والروحية والقوان ت اخلارجية وادلادية والتداخل القائم بينها حلققت األمل ادلنشود دوف نقص. وضلن نعتقد أننا إذا أدخلنا ىذا ادلفهو يف أحباثنا فسنسد ثغرة تركها الشرؽ والغرب مفتوحة. ولو عدنا للمرة األخ تة إىل ابن خلدوف نستنطقو فسنجد أنو يعيد العلو إىل ىذين األصل ت دوف أف يفصل بينهما. إنو يقوؿ: "اعلم أف العلو ادلتعارفة ب ت أىل العمراف على صنف ت: علو مقصودة بالذات وعلو ىي وسيلة آلية ذلذه العلو". أخ تا غلب أف نوفق ب ت األصوؿ احلضارية ل تاثنا والتقد احلادث ويكوف ذلك جبعل العنصر الثاين أي التقد بادلفهو الذي شرحناه من منتجات العنصر األوؿ ووسائلو أي احلضارة. وىذا يتطلب منا أف نب ت تصورنا الذى ت والفكري على ما قامت عليو حضارتنا مث ننظر يف كل ما جد من تطور فنأخذ بو من خالؿ ما استقر عندنا من مفهو حضاري. واهلل ادلوفق وادلستعاف